فصل: تفسير الآيات (19- 27):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (19- 27):

{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى (25) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27)}
أخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان اللات رجلاً يلت سويق الحاج، ولفظ عبد بن حميد: يلت السويق يسقيه الحاج.
وأخرج النسائي وابن مردويه عن أبي الطفيل قال: «لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكان بها العزى فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمرات فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها، ثم أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ارجع فإنك لم تصنع شيئاً، فرجع خالد، فلما أبصرته السدنة، وهم حجبتها، امعنوا في الجبل وهم يقولون يا عزى يا عزى، فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحفن التراب على رأسها، فعممها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: تلك العزى».
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أن العزى كانت ببطن نخلة وأن اللات كانت بالطائف، وأن مناة كانت بقديد.
وأخرج سعيد بن منصور والفاكهي عن مجاهد قال: كانت اللات رجلاً في الجاهلية على صخرة بالطائف وكان له غنم فكان يأخذ من رسلها ويأخذ من زبيب الطائف والأقط فيجعل منه حيساً ويطعم من يمر من الناس، فلما مات عبدوه وقالوا: هو اللات، وكان يقرأ اللات مشددة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان اللات يلت السويق على الحاج فلا يشرب منه أحداً إلا سمن فعبدوه.
وأخرج الفاكهي عن ابن عباس أن اللات لما مات قال لهم عمرو بن لحي: إنه لم يمت ولكنه دخل الصخرة فعبدوها وبنوا عليها بيتاً.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {أفرأيتم اللات} قال: كان رجل من ثقيف يلت السويق بالزيت فلما توفي جعلوا قبره وثناً، وزعم الناس أنه عامر بن الظرب أخذ عدواناً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {أفرأيتم اللات والعزى} قال: اللات كان يلت السويق بالطائف فاعتكفوا على قبره، والعزى شجرات.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة} قال: آلهة كانوا يعبدونها، فكان اللات لأهل الطائف وكانت العزى لقريش بسقام شعب ببطن نخلة، وكانت مناة للأنصار بقديد.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح قال: اللات الذي كان يقوم على آلهتهم، وكان يلت لهم السويق، والعزى بنخلة كانوا يعلقون عليها السبور والعهن، ومناة حجر بقديد.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجوزاء قال: اللات حجر كان يلت السويق عليه فسمي اللات.
قوله تعالى: {تلك إذاً قسمة ضيزى}.
أخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {ضيزى} قال: جائرة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول امرئ القيس:
ضازت بنو أسد بحكمهم ** إذ يعدلون الرأس بالذنب

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {ضيزى} قال: منقوصة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {ضيزى} قال: جائرة.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {ضيزى} قال: جائرة لا حق فيها.
قوله تعالى: {أم للإِنسان ما تمنى}.
وأخرج أحمد والبخاري والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تمنى أحدكم فلينظر ما تمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته».
قوله تعالى: {وكم من ملك في السماوات} الآية.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئاً} قال: لقولهم: إن الغرانقة ليشفعون.

.تفسير الآيات (28- 31):

{وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)}
أخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب قال: احذروا هذا الرأي على الدين، فإنما كان الرأي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيباً لأن الله كان يريه، وإنما هو هاهنا تكلف وظن {وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً}.
قوله تعالى: {ذلك مبلغهم من العلم}.
أخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {ذلك مبلغهم من العلم} قال: رأيهم.
وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عمر قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا».
قوله تعالى: {ولله ما في السماوات} الآية.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ليجزي الذين أساءوا بما عملوا} قال: أهل الشرك {ويجزي الذين أحسنوا} قال: المؤمنين.

.تفسير الآية رقم (32):

{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)}
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {الذين يجتنبون كبائر الإِثم والفواحش} قال: الكبائر ما سمى الله فيه النار {والفواحش} ما كان فيه حد في الدنيا.
قوله تعالى: {إلا اللمم}.
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردوية والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئاً أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود في قوله: {إلا اللمم} قال: زنا العينين النظر، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه، فإن تقدم بفرجه كان زانياً وإلا فهو اللمم.
وأخرج مسدد وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة أنه سئل عن قوله: {إلا اللمم} قال: هي النظرة والغمزة والقبلة والمباشرة فإذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل وهو الزنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير قال: اللمم ما بين الحدين.
وأخرج سعيد بن منصور والترمذي وصححه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردوية والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس في قوله: {إلا اللمم} قال: هو الرجل يلم بالفاحشة ثم يتوب منها، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن تغفر اللهم تغفر جماً وأيّ عبد لك لا ألمّا».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إلا اللمم} يقول: إلا ما قد سلف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: قال المشركون: إنما كانوا بالأمس يعملون معنا فأنزل الله: {إلا اللمم} ما كان منهم في الجاهلية قبل الإِسلام، وغفرها لهم حين أسلموا.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في قوله: {الذين يجتنبون كبائر الإِثم} قال: الشرك {والفواحش} قال: الزنا تركوا ذلك حين دخلوا في الإِسلام، وغفر الله لهم ما كانوا ألموا به وأصابوا من ذلك قبل الإِسلام.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردوية والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أراه رفعه في قوله: {إلا اللمم} قال: اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعود، واللمة من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود، قال: فتلك الإِلمام.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله: {إلا اللمم} قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: هو الرجل يصيب اللمة من الزنا واللمة من شرب الخمر فيجتنبها أو يتوب منها.
وأخرج ابن مردوية عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتدرون ما اللمم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هو الذي يلم بالخطرة من الزنا ثم لا يعود، ويلم بالخطرة من شرب الخمر ثم لا يعود، ويلم بالسرقة ثم لا يعود».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {إلا اللمم} قال: يلم بها في الحين ثم يتوب.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال: سئلت عن اللمم، فقلت: هو الرجل يصيب الذنب ثم يتوب، وأخبرت بذلك ابن عباس، فقال: لقد أعانك عليها ملك كريم.
وأخرج البخاري في تاريخه عن الحسن في قوله: {إلا اللمم} قال: الزنية في الحين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي صالح في قوله: {إلا اللمم} قال: الوقاعة من الزنا لا يعود لها.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله: {إلا اللمم} قال: هو ما دون الجماع.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة أنه ذكر له قول الحسن في اللمم في الخطرة من الزنا، فقال: لا ولكنها الضمة والقبلة والشمة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمرو قال: اللمم ما دون الشرك.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس قال: اللمم كل شيء بين الحدين حد الدنيا وحد الآخرة يكفره الصلاة، وهو دون كل موجب، فأما حد الدنيا فكل حد فرض الله عقوبته في الدنيا، وأما حد الآخرة فكل شيء ختمه الله بالنار، وأخر عقوبته إلى الآخرة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {إلا اللمم} قال: اللمم ما بين الحدين ما لم يبلغ حد الدنيا ولا حد الآخرة موجبة قد أوجب الله لأهلها النار أو فاحشة يقام عليه الحد في الدنيا.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن سيرين قال: سأل رجل زيد بن ثابت عن هذه الآية {الذين يجتنبون كبائر الإِثم والفواحش إلا اللمم} فقال: حرم الله عليك الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
قوله تعالى: {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض}.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في المعرفة وابن مردوية والواحدي عن ثابت بن الحارث الأنصاري قال: «كانت اليهود إذا هلك لهم صبي صغير قالوا: هذا صديق، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كذبت يهود ما من نسمة يخلقها الله في بطن أمها إلا أنه شقي أو سعيد فأنزل الله عند ذلك {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض} الآية كلها».
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض} قال: هو كنحو قوله: {وهو أعلم بالمهتدين}.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة} قال: حين خلق الله آدم من الأرض ثم خلقكم من آدم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله: {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم} قال: علم الله من كل نفس ما هي عاملة وما هي صانعة وما هي إليه صائرة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن زيد بن أسلم في قوله: {فلا تزكوا أنفسكم} قال: لا تبرئوا أنفسكم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فلا تزكوا أنفسكم} قال: لا تعملوا بالمعاصي وتقولون: نعمل بالطاعة.
وأخرج ابن سعد وأحمد ومسلم وأبو داود وابن مردوية «عن زينب بنت أبي سلمة أنها سميت برة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فلا تزكوا أنفسكم} الله أعلم بأهل البر منكم سموها زينب».
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن جده عبد الله بن مصعب قال: قال أبو بكر الصديق لقيس بن عاصم: صف لنا نفسك. فقال: إن الله يقول {فلا تزكوا أنفسكم} فلست ما أنا بمزك نفسي، وقد نهاني الله عنه، فأعجب أبا بكر ذلك منه.